لا توجد تقنية يتم اختراعها أو تطويرها دون أن يتم اختبارها باستمرار للتأكد من فاعليتها ونتائجها، ولا يختلف الأمر مع التقنيات النووية، فعلى عكس ما يعتقد الكثيرون فإنه يتم باستمرار اختبار الأسلحة النووية، فكيف يتم ذلك؟
عرف العالم أول اختبار لانفجار نووي في فجر يوم 16 يوليو 1945، في منطقة نائية في نيومكسيكو على بعد 230 كيلومترا تقريبا جنوب لوس ألاموس، وذلك بعد 3 سنوات متواصلة من العمل والتطوير في مشروع “مانهاتن” فائق السرية.
في ذلك اليوم، تم بناء برج عال من الصلب ارتفاعه 100 قدم، وعلقت القنبلة النووية على قمته، وقبل أن يتم الاختبار أرسلت قنبلة أخرى إلى المحيط الهادئ، وهي القنبلة التي أسقطت على هيروشيما اليابانية في 6 أغسطس من نفس العام، والتي تبعتها قنبلة أخرى أسقطت على مدينة نجازاكي بعد ثلاثة أيام فقط، وبذلك حسمت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الثانية، واختبرت سلاحها المدمر في نفس الوقت.
وهناك 4 طرق أساسية لاختبار الأسلحة النووية، فيمكن اختبارها على ارتفاعات عالية فوق سطح الأرض، وتحت سطح الأرض، وكذلك تحت الماء، وفي الفضاء الخارجي.
وعندما يتم اختبار الانفجار النووي في الغلاف الجوي للأرض، يتم تعليق المفجر على قمة برج عالي أو اسقاطه من طائرة أو حمله بواسطة بالون، وتجري التجارب النووية عادة في مناطق مهجورة مثل صحراء نيفادا، حيث يمكن الحد من تلك الأضرار الناتجة عن تلك الانفجارات بسبب ندرة صور الحياة الحية في تلك المنطقة، ويتم تنفيذ العديد من إجراءات السلامة والأمان الصارمة لمنع حدوث أضرار للبشر والحيوانات والنباتات والمحاصيل والمباني والنظم البيئية في دائرة الاختبار التي يبلغ نصف قطرها مئات الأميال، كذلك لابد من تطهير المنطقة وتنقيتها بعد الاختبار.
وتحمل التجارب التي تتم تحت الماء الكثير من المخاطر خاصة عندما يرتفع الانفجار إلى خارج الماء، لكن تنخفض كمية الغبار المشع الذي يصل إلى مناخ الأرض لأن جزء كبير منها يحتجز داخل الماء، وإن كان يسبب ذلك تدميرا أيضا في البيئة المائية التي يتم بها الاختبار.
ويمكن القول بأن أكثر الاختبارات النووية أمانا نسبيا هي التي تجرى تحت الأرض حيث يمكن احتواء الانفجار، وإن كان ذلك ليس بالمهمة اليسيرة، فلك أن تتخيل أن أصغر قنبلة نووية معروفة يمكنها اختراق طبقات الأرض فوقها بسمك 20 مترا كما لو كانت قطعا من المناديل الورقية، لذلك فإنه يزداد عمق الاختبار كلما زادت قدرة القنبلة التفجيرية، وغالبا ما تؤدي الاختبارات النووية تحت الأرض إلى نشاط زلزالي أو تصدعات أرضية تؤدي إلى هبوط الأرض في موقع الاختبار.
أما في اختبارات الانفجارات النووية في الفضاء الخارجي، فيتم إرسال المتفجرات عن طريق الصواريخ بغرض اختبار فاعلية تلك الأسلحة في ضرب أهداف فضائية للعدو مثل الأقمار الصناعية، وقد قامت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي بالعديد من تلك الاختبارات في فترة الحرب الباردة بينهما، وقد توقفت مثل تلك التجارب بسبب تأثيرها الواسع علي جميع الأقمار الصناعية التي يزدحم بها الفضاء دون تفرقة، كذلك ما يسببه الانحراف الإشعاعي في الغلاف الجوي للأرض من نبضة كهرومغناطيسية قوية تؤثر على أنظمة الطاقة والكهرباء علي الأرض، كما تترك التفجيرات آثار إشعاعية تهدد الرحلات الفضائية في المستقبل.
