في عام 1979 قررت شركة آي بي أم IBM تحويل خمسة من موظفيها للعمل في المنزل، في ظل ازدحام أحد أبرز مختبراتها “سانتا تيريزا”، والذي يعد من أقدم وأهم معاملها -يعمل حتى الآن، وهو عصب تطوير حلول قواعد البيانات للشركة عالمية- كانت وقتها أجهزة الكمبيوتر Microcomputer في بداية انتشارها، والشركة في أوجه نشاطها بميعات تجاوز 15000 مليون دولار.
ونتيجة لذلك ازدحم المختبر الشهير، فكان الحل غريب وقتها، ما المانع من “العمل من المنزل”؟، وغالبا هذه الواقعة كانت بادرة لمفهوم Work @ Home، هذا القرار الثوري كان قبل عامين من إطلاق الشركة لثورة الحواسيب الشخصية في 1981، بجهاز IBM PC.
لا توجد حكومة أو شركة أو موظف لم يعاني من جراء جائحة كورونا، ولكن يتوقف مستوى ومدى المعاناة بقوة وثبات الأرضية التى نقف عليها قبل هبوب الجائحة، هذه قصة موظفون مصريون يعملون لشركة عالمية كبرى على أرض مصر
أصعب أنواع الامتحان تلك التي تأتي على فجأة، دون سابق انذار أو تحضير، وبالتالي ليس هناك مساحة للتجهيز والترتيب المسبق، وعلى قدر الاستعداد تأتي جودة النتائج، وهذا كان حال أغلب شركات العالم، وحال المؤسسات الخدمية الخاصة والحكومية خلال العام الأول من جائحة كورونا Covied-19، التى ضربت البشر في بضعة أسابيع، وأجبرت ما يقرب من 3 مليارات من القوى العاملة في العالم أن تجلس في البيت، حسب إحصاءات البنك الدولي، فمن منهم استطاع أن يبقى عمليه قيد التشغيل، ومن منهم تعطل.
وعلى ما يبدو أن موظفي شركة أي بي مصر لم يواجهوا صعوبة كبيرة في تحويل عملهم من المكاتب للمنتازل، لأن أكثرهم لديه حرية مرونة كبير مع قواعد العمل المكانية والزمانية، وهو أمر ليس بجديد، ومتجزر على المستوى المحلي والدولي، فهذا الشركة العملاقة أقدمت على تحويل عدد 2000 IBMers – وفقا للمصطلح الذين يطلقونه على أنفسهم- للعمل من المنزلعام 1983، نعم هذا التاريخ صحيح! ورغم حدوث أنتكاسة نسبية لهذه السياسية المنفتحة في 2017، عندما تولت إدارة التسويق في الشركة سيدة تدعى ميشيل بيلوسو، وكان أول قرارتها بدعوة موظفي إدارتها للعودة لمكاتبهم، وهو القرار الذي قوبل بسخط كبير من موظفي الشركة في معظم انحاء العالم، وسرعات ما خففت من هذه ثم جاءت كورونا، ثم رحلت السيدة بيلوسو، وسقطت سياستها، بلا رجعة.
تجربة جائحة كورونا
ولكن مهلا، هذا لا يعنى أن تجربة كورونا كانت تجربة سهلة على شركة آي بي في العالم، بل العكس كان عاميا صعبا، وانخفض سهمها كثيرا في بورصة نيويورك مع قدوم الجائحة وفقدت أكثر من 55 دولار، ولكنها استعادت مكاسبه مؤخرا، وحاليًا تقترب من نفس معدلات فبراير 2020، ومحليا يقول وائل عبدوش، مدير عام الشركة في مصر، واجهنا صعوبات كثيرة مع قدوم الجائحة فجأة، وارتباط الكثير من عملياتنا بحركة أسواق العالم، خاصة وأن جزء كبير من عملياتنا مرتبط بخدمة عملائنا على الأرض، وعملية تقديم الدعم الفني تحتاج تواجد ميداني.
ويؤكد ماعدا هذا الجزء المتعلق بالتشغيل الميدني، فكان لموظفي الشركة في مصر حرية العمل من البيت أو المكتب، والأداء والنتائج هي الفيصل؛ ومنذ أكتوبر الماضي ومع تحسن الأوضاع الصحية في مصر بدأ تدريجيا عودة البعض لمكاتبهم. وفقا لعبدوش. ويذكر أن شركة أي بي ام كانت تفخر بأن 40% من موظفيها ليس لديهم مكتب، وأنها استطاعت توفير 2 مليار دولار، نتيجة تفريغ 58 مليون متر مكعب من الحيز المكتبي، وكان هذا في 2009!
ويري عبدوش، الذي تولي مسؤولية آي بي أم في 2018، خلفا لدكتور عمرو طلعت، – يشغل حاليًا منصب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات- إن جائحة كورونا كانت اختبارا صعبا للشركات والمؤسسات الخدمية، وكشفت المستوى الذي تقف عليه من عملية التحول الرقمي، ويشير إلي أن هناك ما يقرب من 96% من المؤسسات أكدت أن الجائحة جعلتهم يسرعون من خطوات التحول الرقمي، في غضون 3-5 سنوات.
وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت عن حزمة من القرارات والتشريعات متعلقة بتسريع خطط التحول الرقمي قبيل هجوم الجائحة، ويري عبدوش الذي يتمتع بخبرة 30 عاما في قطاع تكنولوجيا المعلومات المصري والعالميي، أن هذه الخطوات، وما سبقها من تغيرات على مستوى التشريعات والبنية الأساسية ساهمت بصورة كبيرة في تقليل تأثير كورونا على الاقتصاد المصري، وعلى ثبات كبير لمنظومة الخدمات في القطاع الخاص والحكومي.
مدللاً على ذلك، بأن أرقام النمو في مصر لم تتوقف، وتأثيرها كان محدود، وأعلى بكثير من المتوسط العالمي، وهذا يعود حسب وجهة نظره لوجود إرادة سياسية قوية تقف حلف لعملية التحول الرقمي، مع توفر فهم كامل للفوائد التي يمكن أن تعود على المجتمع المصري والاقتصاد المصري من ميكنة الخدمات العامة والخاصة.
حلول الهايبر كلود
من المتوقع بحلول عام 2023 أن تنمو المؤسسات المصرية بنسبة 50%، إذا اعتمدت على حلول السحابة الهجينة Hyper Cloud، وهو التكنولوجيا الذي تستحوذ فيه شركة آي بي أم على نسبة كبيرة عالميًا، ووفقا للسيد ارفنيد كريشنا، الرئيس التنفيذي أن العالم يمر بمرحلة تاريخية من التحول الرقمي، وتدمج حلول الهايبر كلود بين حلول السحابة العامة، بما فيها من مميزات السرعة والقدرة على التوسع والعمل على تطبيقات مختلفة، والسحابة الخاصة وبما فيها من مميزات متعددة للتأمين والإتاحة.
وفقا لما قاله المهندس وائل راشد مدير قطاع التكولوجيا بشركة آي بي أم، خلال مؤتمر عقدت الشركة “أونلاين”، وأوضح أن الشركة احتلت للعام الثاني قمة الابتكارات التكنولوجية عالميا، وهذه المرة رقم 28 طوال تاريخا، مسجلة 9 آلاف براء اختراع افادة البشرية، وحسب علمي بعضها ساهم فيه مهندسين مصريين.
وتشير البيانات التي كشفت عن IBM آي بي أم مؤخرا أن أعمال الشركة شهدت نموا كبيرا في مصر خلال وقت كورونا، حيث كشفت، عن تطوير التعاون مع الحكومة المصرية ووزارة المالية، وشركة مصر للطيران والشركة المصرية للاتصالات بهدف الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي وIBM Cloud لدعم التحول الرقمي ومساعدة المؤسسات على بناء أسس العصر الجديد اعتماداً على التكنولوجيا وممارسة الأعمال وفقاً لتحليل البيانات والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.
التعاون مع أبو غالي موتورز
قبل أيام كشفت الشركة عن تعاونها مع أبو غالي موتورز (AGM)، العاملة في مجال صناعة السيارات ووسائل النقل، بهدف ترحيل أعباء بيانتها الخاصة بإدارة الموارد إلى منصة IBM السحابية IBM Cloud، في إطار للاستفادة من تقنيات السحابة الهجينة، والتحول من الإدارة المركزية لتداول البيانات إلى منظومة الحوسبة السحابية، بما يسهم في توسيع نطاق الأعمال وتبسيط الإجراءات وتوفير خدمات رقمية جديدة للعملاء سواء الأفراد أو الشركات.
وعلق خالد مداح، مدير قطاع الابتكار والتكنولوجيا بشركة أبو غالي موتورز: “قمنا بالتعاون مع شركة IBM لخبرتها الطويلة في توفير الحلول الآمنة للحوسبة السحابية، والتي ساعدتنا على تبسيط نظم أعمالنا وإتاحة خدمات رقمية مميزة لعملائنا تتماشى مع التطور الرقمي الذي نشهده في مجال صناعة السيارات.”
وتتيح إستراتيجية السحابة الهجينة فرص هائلة للابتكار وتوفر حلول IBM Cloud للمؤسسات القدرة على بناء تطبيقات سحابية تتمتع بنظم إدارة آمنة، حسب المهندس وائل عبدوش مدير عام شركة IBM مصر، مضيفا” تعاوننا مع أبو غالي موتورز يهدف الى دعم رؤيتهم في تسريع وتيرة التحول الرقمي وتعزيز فرصهم للنمو.”
جدير بالذكر أن شركة IBM تعمل في السوق المصري منذ 67 عاماً ولديها تاريخ طويل من المشاريع والمبادرات الناجحة مع كل من القطاعين العام والخاص، وتأسست الشركة 1911، بمقر صفير بنيويورك بميزانية أقل من 2000 دولار، وتتجاوز قيمة الشركة حاليًا 150 مليار دولار، ولديها عمليات في 170 دولة، وما يقرب من 350 ألف موظف، ويعد فرعها في مصر الاول عربيا وأفريقيا، ومن أكبر مراكز أعمالها، ويتحضن الكثير من عمليات البحث والتطوير والدعم الفني الإقليمي والعالمي.