في مقابلة مطولة مع الموظف السابق لدى وكالة الأمن القومي الأمريكية، إدوارد سنودن، دارت حول موضوعات متعددة، بداية من انتخاب ترامب للرئاسة، وحتى نظرته لمستقبله الشخصي، كانت رسالته واضحة “الأمر لا يدور حول رئيس أو حكومة واحدة، ولكن استخدام التكنولوجيا التي تضمن الحقوق مع توالي الحكومات والرؤساء. بمعنى أخر، لا للكراهية ونعم للابتكار”.
وكانت المقابلة قد أُجريت برعاية موقع “Startpage.com”، وكان أول الأسئلة التي طُرحت من رالف زيمرمان، مبتكر بروتوكول التشفير “PGP”: “سيرث ترامب بنية مراقبة تحتية قوية، وهو أمر يُقلق الكثيرين.. ما تعليقك؟”.
أجاب سنودن “يجب أن نكون حذرين بخصوص وضع الكثير من الثقة في المسؤولين المنتخبين. نحن ننظر إلى ما هو أبعد من تغيير شخص الرئيس، بل تغيير في السياسات وطريقة التعامل مع صلاحيات السُلطة، لذا ما نحن بحاجة إليه ليس كيفية حمايتنا من الرئيس دونالد ترامب، بل كيفية حماية حقوق الجميع في كل مكان، بغض النظر عن السُلطة القضائية أو الحدود”. وأضاف “في النهاية، إن أردنا التغيير فعلينا أن نفرضه بأنفسنا”.
وأضاف “حتى في حالة تشفير الرسائل “end-to-end”، والتي حاربت أمر من الحكومة لتسليم معلومات عن المستخدم، فإنه لا يمكن للشركات تسليم أي معلومات بسبب نظام التشفير المستخدم، كل ما يُمكنها تسليمه هو رقم الهاتف، والذي تملكه الحكومة بالفعل، وتاريخ إنشاء الحساب، وتاريخ آخر تسجيل دخول”.
وتابع “الوسيلة الوحيدة لحماية معلومات المستخدم من أجهزة المراقبة ألا تجمع معلومات لست بحاجة إليها لأهداف تجارية”.
وضم صوته لأخرين يدعون الشركات لكبح جماح جمع البيانات قبل تولي ترامب الرئاسة، إذ يتوقع الكثيرون أن يحدث توسع في صلاحيات المراقبة وإنفاذ القانون.
وبالنسبة لطلب اللجوء الخاص به لروسيا قال: “لست قلقـًا بشأنه.. الرئيس الروسي صرح أمام الكاميرات من قبل، أن الشعب الروسي يعتبرني أحد المدافعين عن حقوق الإنسان، وبغض النظر عن موقفنا من السياسة الروسية، والتي بها الكثير من المشكلات، فقد صرحوا أن روسيا ليس البلد الذي تُسلم مدافعـًا عن حقوق الإنسان”.
وانتقل في النقاش إلى نقطة العمل الذي يجب القيام به في المستقبل، إذ قال سنودن “التشفير يحمي ما تقوله في مكالمة عبر الإنترنت، يحمي رسائلك النصية، كما يحمي صورك من أن يراها أحد”، وأضاف “ولكن هذا لا يغير حقيقة أنك قمت بعمل محادثة تليفونية أو أرسلت صورة. هناك أشياء خطيرة بحد ذاتها، فجمع الأنشطة الخاصة بك دون معرفة محتواها يتم دون الحاجة لإذن من المحكمة، مما يمكن الجهات الرقابية من إنشاء سجلات كاملة عن حياتك الخاصة دون معرفة ما قيل في الواقع”.
واقترح “علينا إيجاد وسيلة لحماية حدوث الاتصالات نفسها وليست محتوياتها فقط، حقيقة أن هذا الهاتف اتصل بهذا الهاتف يجب أن تكون خفية”، وأضاف: “متصفح “Tor” يُعد بداية، ولكنه لايزال في صورته الأولية مثل أول عجلة تم اختراعها، كما أن طبيعة بث المعلومات عبر الأثير بحاجة إلى إعادة النظر”.
ولكن المشكلة الأكبر في نظره أننا كأفراد بحاجة للتفكير في تلك المشكلات “كأفراد ليس علينا اتخاذ تلك القرارات، فالخصوصية هي أساس كل الحقوق الأخرى، وبشكل ما لابد وأن تكون أساسية”.
وأضاف “الأقليات والسكان المعرضون للخطر، والأشخاص الذين لا يستطيعون التكيف (إن كنت لا تتوافق مع رأي الأغلبية، فأنت بحاجة للخصوصية)، إن قلت أنه ليس لديك ما تخفيه وبالتالي ليس لديك ما تخشاه، فهذا لا يختلف عن قولك أنك لا تهتم بالحوار الحر لأنه ليس لديك ما تقوله، وهذه وجهة نظر معادية للمجتمع”.
وتابع “عندما يفشل القانون، نبدأ في الشعور أنه غير كافٍ، وأنه أقل ضمانة لحقوقنا وأقل دعمـًا للتقنيات والمؤسسات والمجموعات والأفراد الذين يحاولون فرض حقوقك مباشرة عبر العلوم والرياضيات والتقنيات، لتأكيد أن أي حكومة في أي مكان عليها احترام حقوقك، لأنه مهما كان قدر العنف أو القوة العسكرية فإنه لا يمكنهما حل مسألة رياضية”.
ورغم تجنبه التحدث عن مخاطر انتخاب ترامب للرئاسة إلا أنه قال “رغم التحديات التي نواجهها في الولايات المتحدة، والتغييرات في الحكومة، وبعض التصريحات المقلقة للرئيس المنتخب، إلا أننا أمة تناضل للحصول على الأفضل”، وأضاف “أنها لحظة مظلمة في تاريخ أمتنا، ولكنها ليست نهاية التاريخ. وبعملنا معـًا، نستطيع بناء ما هو أفضل”.
