هل هناك علاقة بين استخدام الشبكان الإجتماعية والشعور بالأحباط أو الأكتئاب لدي الشباب؟ قبل عام تقريبا نشرت دورية JAMA Psychiatry المتخصصة في الصحة النفسية والعقلية، والتى تَصدر عن الجمعية الطبية الأمريكية، دراسة مفادها أن البقاء المفرط على الشبكات الاجتماعية يعرض أو يفاقم المشاكل النفسية لدي الشباب، خاصة لمن يستغرقون 3 ساعات وأكثر يوميًا، وشملت الدراسة 6500 مشارك.
صحيح أن الدراسة لم تقل بشكل قاطع أن الشبكات الاجتماعية تسبب مشاكل نفسية للشباب، لكن لا أظن أن أحد سيجادل أن الاستخدام الخاطئ أو المفرط لأي شيء يأتي بنتائج عكسية، فحتى المياه، الأفراط فيها قد يسبب “تسمم مائي”.
والآن، باتت الكثير من الشبكات الإجتماعية لا تخجل من الاعتراف بالأثار السلبية المحتلملة لمنصاتها، حتى لو تحت بند “Side Effects”، كما فعلت قبل سنوات طويلة شركات التدخين، ولكن الشجاعة الحقيقية ليس فقط في الإعتراف، ولكن عندما تقوم بتخصيص جزء كبير من الخدمات والأنشطة الإعلامية للمساهمة في الحل، أو على الأقل تسليط الضوء على المشكلة، وهو ما فعلته تيك توك الشرق الأوسط، عندما نظمت قمة: “الصحة النفسية للشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا” يوم 13 فبراير 2024 بمدينة دبي.
شارك بالقمة مجموعة من خبراء السلامة من جميع أنحاء المنطقة، بالإضافة لعدد من أعضاء المجلس الاستشاري للسلامة في تيك توك، والتي يحسب لها أنها أول من أسس مجلس بهذا الغرض في المنطقق. ناقش حدث السلامة الذي كان ايقاعه سريعا للغاية -ربما أكثر من اللازم- حيث استمر لبضعة ساعات فقط، مجموعة من القضايا الهامة حول الصحة النفسية للشباب، وأهمية الوعي بالتربية الإعلامية، وتعزيز مهارات التفكير النقدي وسط اضطراب المعلومات الذي يملىء المشهد الرقمي الحالي.
وتقول دكتورة نائلة حمدي، أستاذ الإعلام بالجامعة الأمريكية، وعضو المجلس الاستشاري للسلامة بتيك توك، :” يجب أن ننسى طريقة توجيه النصح المباشر للشباب، حول كيف يمكن أن يستخدموا الشبكات الإجتماعية، هم يبتكروا بأنفسهم الطرق الملائمة؛ ما يمكن أن نضيفه هنا: تقديم الأساسيات، وتعزيز مهارات تقصي المعلومات دون توجيه مباشر، وقد يكون على شكل نقاش، أو نماذج مماثلى، فالاقتناع وحده يمكن أن يصوب المسار”.
وتضيف:”نشر ثقافة التربية الإعلامية دائما ما كان أمرا هامًا، ولكن الأن في العصر الرقمي بات أمرا ضروريًا، لتهيئة عقول الشباب للسؤال عن السياق والاستفسار عن خلفية القصص، وتفنيد المعلومات التى يتعرضون لها”.
وتربط نائلة حمدي، التي تملك العديد من الدارسات في مجال التربية الإعلامية، بين مهارات العقلية النقدية، والقدرة على فرز المعلومات، وطرح الأسئلة الصحيحة حول مصدر المعلومات، والدخول لعمق أسئلة لماذا، وكيف، لكي يصلوا بانفسهم لفهم دقيق.
وخلال نفس الجلسة التي كانت تحت عنوان “تزويد المواطنين الرقميين الشباب بمهارات الثقافة الإعلامية ومهارات التفكير الناقد”، استبعد دكتور حميد أكين أونفر، عضو المجلس الاستشاري للسلامة بتيك توك، وجهات النظر المفرطة في التشائم، وكذلك المفرطة في التفائل حول استخدامات الشبكات الاجتماعية.
لا تفائل ولا تشائم
ويقول البروفيسور أونفر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة قادر هاس بتركيا:” يجب أن تكون وجهة نظرنا موضوعية ووسط بين هذا وذاك، فالتقنيات تتسارع وطبيعهتا هي التغيير الدائم، ولن تبقي هذه الأمور على حالها، ومع تغول تقنيات الذكاء الاصطناعي في حياتنا، سوف تتحول هذا التحديات الي ماض، وسنجد أنفسنا أمام تحديدات جديدة”.
ويضيف يمكننا دعم الأنشطة والمحتويات وجهود المؤثرين الذين يحملون قيمة لعمالهم، ولديهم موهبة حقيقة في الفنون والعلوم والأنشطة الاجتماعية التي تسد الفجوة بين الثقافات والأجيال”.
ومن جانبها قالت لين سوتن، رئيس قسم التواصل والشراكات والسلامة والأمان في تيك توك أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط: “نسعى باستمرار لتوفير مساحة أكثر أمانًا وترحيبًا للجميع على منصة تيك توك، وضمان إتاحة جميع الأدوات والدعم اللازم للمستخدمين للتفاعل مع المحتوى بأمان ومسؤولية، حيث قمنا بتصميم إرشادات مجتمعنا لضمان أن تظل المنصة مكانًا إيجابيًا للجميع، ودائمًا ما نتخذ إجراءات لمعالجة التحديات المحتملة، ومثل هذه المحادثات التي جرت في قمة اليوم أمر ضروري لضمان بيئة آمنة للجميع، خاصة الشباب”.
وتعتمد تيك توك على مجموعة من الشركات مع منظمات معنية بمجال الصحة العقلية ومنشئي المحتوى من أجل المحتوى التعليمي والإرشادي لتعزيز الصحة النفسية، بالإضافة إلي موارد داخل التطبيق وروابط لخدمات دعم الصحة العقلية، وإن لم يتم ذكر حالات أو نماذج تخص المنطقة العربية.
وترى جنى بو رسلان، المدربة والمتحدثة في الصحة النفسية والقيادة والمحاضرة في علم النفس التربوي، إن إشراك الآباء يُعد أمرًا بالغ الأهمية لتوفير مجتمعات رقمية آمنة لجيل الشباب، وتقول: جهودهم هنا لها قيمة كبيرة، ليست فقط في الحفاظ على السلامة العقلية والنفسية، ولكن أيضًا في توجيه الشباب وتعليمهم كيفية التفاعل مع المنصات الرقمية بطريقة صحية ومسؤولة”.
ولا تعتقد بو رسلان، أن طريقة التوجيه المباشر من الآباء للأبناء مثالية في هذا الشأن، وتقول :”بالطبع لا يجب أن تم الأمر على طريقة لأني ماما فيجب أن يكون الأمر كذلك!، الحوار العاقل ع هو السبيل الوحيد لضمان بيئة رقمية آمنة لأولادنا، في هذا العصر لا يمكن أن تدفعهم لفعل شيء ليسوا مقتنعين به”.
10 مشاهدات أمر كبير !
وترى ميثاء محمد، المتخصصة في الإعلام الرقمي، أن توفير أدوات وتقنيات لتعزيز الأمان الرقمي أمر هام، ولكن هذا لا يعفي المسؤولية شخصية لكل فرد، فإذا وضعت نفسي في منطقة عامة يجب أن أتوقع كل شيء، واستعد له أيضا”، وتضيف:”هناك الكثير من الفقاعات على الشبكات الاجتماعية يجب التخلص منها، هوس المشاهدات وجذب الانتباه يخلق أمراض اجتماعية ونفسية كثيرة”..
وضربت ميثاء أحد الأمثلة قائلة:” لو هناك 100 ألف جمعهم هذا المحتوى أمر ضخم للغاية، ولكن حتى 10 أشخاص شاركوا نفس الاهتمام هو أم كبير أيضا، هذه حقيقة ما يحدث في واقع حياتنا، ويجب ألا ينفصل هذا تماما عن واقع الشبكات الاجتماعية”.
ويذكر أن تيك توك قدمت العديد من الأدوات التي تدعم صحة المجتمع العقلية والنفسية، سواء على المنصة أو خارجها، وعملت المنصة بشكل فعًال على تعزيز الوعي بالصحة النفسية وتشجيع المستخدمين، خاصة المراهقين، على اتخاذ خطوات لمنع حالات التنمر، ووضع خاصية تحديد وقت الشاشة لاستخدام المنصة.
وتتيح أيضا إعدادات الخصوصية الافتراضية، وهي مقيدة للمستخدمين الأصغر سنًا، بهدف التحكم في من يمكنه رؤية المحتوى ومن يمكن التفاعل معه، بالإضافة الي مميزات تتيح للآباء ربط الحسابات وإدارة الإعدادات للمستخدمين الأصغر سنًا.